هل يهرب (نتنياهو) نحو الانتخابات، ولماذا؟
من المتوقع أن يبت رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بأي لحظة – وبشكل نهائي – بقرار التوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة تجري قبل موعدها ببضعة أشهر أم لا، ذلك أن التكهنات الداخلية الإسرائيلية تشير إلى سعي (نتنياهو) لإجراء انتخابات مبكرة. وتبقى مسألة تقديم موعد الانتخابات من عدمه هي محور اهتمام جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية اليوم. وعديد الطروحات في الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن أسباب إقدام (نتنياهو) على التفكير بتقديم الانتخابات:
أولا، قضايا الفساد التي تطاله مع توقعات بقرب صدور لائحة اتهام ضده، وأنه على الأرجح سيمثل أمام المحكمة بعد 12 جلسة تحقيق في قضايا فساد على مدار عامين تقريبا، فيما بدأت محاكمة زوجته (سارة) بتهمة تلقي الرشى وخيانة الأمانة واستغلال موارد الدولة لأغراض شخصية، مع إصرار (نتنياهو) على الدفاع عن نفسه ونفيه كل تهم الفساد. وقد اتهمت (تسيبي ليفني) عضو الكنيست عن حزب الاتحاد الصهيوني (نتنياهو) بشكل مباشر، وقالت: “إنك تريد خوض الانتخابات قبل أن يعرف الناس الحقيقة بشأن فسادك، قبل أن يقول من يعرفك الحقيقة بشأنك، ومن أجل إخفاء الحقيقة سوف تتوجه لصندوق الإقتراع مرة أخرى وتخرج من جعبتك الكراهية والاضطهاد التي تستخدمها دائما لتحريض الأخ ضد أخيه، وحتى تغذي الكراهية التي زرعتها”. وقال وزير المالية (موشيه كحلون) “رئيس حزب (كلنا)” إن “حزبه لن يستمر بالجلوس في الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو في حال تقديم لائحة اتهام ضده. بمجرد أن يقوم المستشار القانوني للحكومة برفع توصية تقضي بتقديم لائحة اتهام، لا يمكن لرئيس الحكومة الاستمرار في أداء مهماته”.
ثانيا، “قانون التجنيد” وتبعاته على الائتلاف اليميني الحاكم، حيث الخلاف مع كتلتي المتدينين المتزمتين “الحريديم”، بخصوص مشروع قانون يلزم بتجنيد شبان “الحريديم” في الجيش. وفي هذا الشأن، فإن كتلة “إسرائيل بيتنا” التي يرأسها وزير “الدفاع” (أفيغدور ليبرمان) ترى أنه سيتم تجاز أزمة “قانون التجنيد”، وأنها لن تكون سببا لأزمة ائتلافية حتى لو صوت “الحريديون” ضد القانون، مضيفا “إن من يبحث عن ذريعة لتقديم موعد الانتخابات عليه أن يبحث الآن عن ذريعة أخرى”. أما وزير المالية (كحلون) فاعتبر أن “قانون التجنيد ليس خطة لسياسيين، وليس خطة لحل مشاكل سياسية، وليس خطة لحل مشاكل ائتلافية. من يجند الجنود هو الجيش، وليس الحاخامات أو السياسيين”. ومن جهته، فإن وزير المعارف ورئيس “البيت اليهودي” (نفتالي بينيت) بادر إلى التأكيد على أن “موعد الانتخابات هو واحد، وهو تشرين الثاني 2019. الانتخابات يجب أن تكون في موعدها. أزمة قانون التجنيد، يمكن حلها، والجميع، بما في ذلك ليبرمان والحريديون، يعرفون كيفية التوصل إلى حل، وهم قادرون على ذلك”.
ثالثا، رغبة (نتنياهو) في “خفض نسبة الحسم للأحزاب لدخول الكنيست” بعد أربع سنوات فقط من رفع النسبة من قبل حكومته هو نفسه قبل الانتخابات الأخيرة. وبحسب اقتراح تقدم به (نتنياهو) سيتم خفض نسبة الحسم الإنتخابية من النسبة الحالية التي تبلغ 3.25% إلى 2.75%، ما سيتطلب من الأحزاب الفوز بحوالي 15,000 صوتا على الأقل لضمان مقاعد في البرلمان. ومثل هذا الخفض، بحسب (نتنياهو) ومؤيديه “يضفي استقرارا على البرلمان من خلال تصفية الأحزاب الأصغر حجما التي تجعل الإئتلافات الحاكمة أكثر تعقيدا”. لكن منتقدو الخطوة يرون أن الهدف منها “منع انتخاب الأحزاب العربية الثلاثة في الكنيست، التي بالكاد اجتازت نسبة الحسم حينذاك”، وهو ما دعا هذه الأحزاب – “التجمع” و”الجبهة” و”الحركة العربية للتغيير-القائمة الموحدة” خوض إنتخابات 2015 في قائمة مشتركة تحت اسم “القائمة المشتركة”. كذلك، فإن هدف (نتنياهو) من هذه الخطوة التي تعارضها أحزاب اليمين، هو تفكيك تحالفات قائمة بين أحزاب اليمين، وكذلك في المعارضة وبذلك يكون (نتنياهو) هو القوة المركزية الأساس في الكنيست، وأمامه أحزاب من اليمين واليسار لا يقوى أي منها على تهديده.
في الأثناء، بينت بعض الاستطلاعات تأييد أغلبية لا بأس بها تبكير الانتخابات البرلمانية، فبحسب نتائج استطلاع أعلنت عنه “شركة الأخبار الإسرائيلية” فإن “42% ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون تبكير موعد انتخابات الكنيست”، فيما أظهر استطلاع للرأي العام أجرته “قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة” أنه “في حال إجراء الانتخابات العامة الآن سيحافظ حزب الليكود بزعامة نتنياهو على قوته ويبقى الحزب الأكثر تمثيلاً داخل الكنيست مع 31 مقعداً”. وأضافت “حصل نتنياهو على أعلى نسبة تصويت كأفضل شخصية لموقع رئيس الوزراء، بنسبة 39%، مقارنة بـ 13% فقط لرئيس حزب المعسكر الصهيونييائير لبيد”. وبحسب آخر استطلاع لموقع “واللا”، دلت النتائج أنه “بحال أُجريت الانتخابات اليوم، فإن حزب الليكود سيواصل الحفاظ على قوته ومكانته الأولى وسيحصل على 33 مقعدا”، فيما حصل (نتنياهو)، بحسب الاستطلاع، على “نسبة 38% كرئيس الحكومة الأفضل، من بين الذين ترد أسماؤهم كمرشحين، فيما كل المنافسين الآخرين، لا يصل الواحد منهم إلى نسبة 10%”.