انتخاب “جوائر فلسطين الثقافية” في مؤسسة فلسطين الدولية عضوا دائما في المكتب التنفيدي لمنتدى الجوائز العربية
نجح منتدى الجوائز العربية الذي دعت إليه جائزة الملك فيصل وعقدته في يومي الأربعاء والخميس الماضيين في مقر جائزة الملك فيصل وضم مسؤولي الجوائز وممثلين عنها، في إثارة الكثير من المواضيع والقضايا التي تشغل المتابعين للجوائز، كتابا ومبدعين ونقاداً وإعلاميين وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي. وبدا جليا أن المنتدى فتح الباب واسعا للأسئلة والاستفسارات وأيضا للانتقادات والملاحظات والتعليقات التي ووجه بها مسؤولي الجوائز، الذين تحلى بعضهم بقدر من الصراحة فاعترف بما تعتري هذه الجوائز من مشكلات، في حين ذهب البعض الآخر إلى التبرير والمناورة في شكل أو آخر.
ووضح المنتدى الذي حضره الأمير بندر بن خالد الفيصل وعدد كبير من الشخصيات الثقافية والأدبية والإعلامية، الحاجة الماسة إلى مثل هذه الفعالية التي توفر شفافية عالية لطرح كل ما يعتمل في صدور المتابعين للجوائز وما يرافقها من سجال دائم. وكشفت مداخلات المشاركين في الندوة الأولى وكانت بعنوان «الجوائز العربية: الواقع والرؤى المستقبلية»، عددا من التحديات المهمة التي تواجه هذه الجائزة، ومنها ما ذكرته فالنتينا قسيسية من جائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب، في ما يخص لجان التحكيم وما ينجم عنها أحيانا من شلليلة أو تكتل لتذهب الجائزة، بالتالي، إلى كتاب لا يستحقونها ويحرم منها المبدعين الفعليين.
من ناحية، أفضت مبادرة جائزة الملك فيصل للم شمل الجوائز العربية إلى أن يصبح المنتدى دائما، إذ قال الأمين العام لجائزة الملك فيصل الدكتور عبدالعزيز السبيل في تصريح صحافي على هامش المناسبة وبعد انعقاد الجلسة المغلقة التي ضمت مسؤولي الجوائز العربية وممثلها، لمناقشة المعايير وآليات عمل الجوائز العربية والقواسم المشتركة بينها وأوجه الاختلاف، بهدف تبادل الخبرات والتجارب وإيجاد سبل لمواجهة التحديات: «بعد مناقشات مستفيضة، تم الخروج بعدد من التوصيات أبرزها الموافقة على تأسيس منتدى الجوائز العربية ويكون مقره في جائزة الملك فيصل، وأن تكون الجوائز الحاضرة للاجتماع هي الأعضاء المؤسسة للمنتدى وأن يكون الاجتماع دورياً». وقال أيضا إن المنتدى أوصى «بتكوين مجلس تنفيذي، وتأسيس بوابة الكترونية للجوائز العربية، والعمل على تبادل المعلومات بين الجوائز التي تعزز العمل الثقافي العربي المشترك وتحفيز المبدعين والمفكرين من أبناء الأمة العربية». وثمن الدكتور السبيل استجابة مسؤولي الجوائز العربية «وتفاعلهم الإيجابي والخروج بنتائج مهمة، ستنعكس بشكل إيجابي على مسيرة الجوائز العربية».
وضمت فعاليات المنتدى، الذي انطلق من رغبة جائزة الملك فيصل في تدعيم وتطوير سبل التعاون في المجال العلمي والثقافي والتبادل المعرفي، بين مؤسسات الثقافة العربية المانحة للجوائز، وفي ظل احتفائها بمرور أربعين عاماً على منحها، ندوتين كانت الندوة الأولى بعنوان «الجوائز العربية الواقع والرؤى المستقبلية، أدارها الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب الدكتور علي بن تميم، وشارك فيها الأمين العام لجوائز فلسطين الثقافية الدكتور أسعد عبدالرحمن، والرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالحميد شومان، فالنتينا قسيسية، والمدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط.
وأوضح الدكتور أسعد عبدالرحمن أن الجوائز تكمل بعضها البعض، عادا انعقاد المنتدى إنجازا كبيرا. وقال: «نحن في الأمة العربية لم ننجح بعد في تحقيق وحدتنا السياسية، لكني أرى أننا سنكون أقرب إلى وحدتنا السياسة إذا جعلنا المدخل الثقافي بديلا، فالثقافة تجمع ولا تفرق، تصون ولا تبدد، ثم أنها هي الباب الذي نعبر منه إلى التوحيد السياسي المأمول والمنشود»، مشيرا إلى أن من أولى مهامهم «أن نتعرف على بعضنا على نحو أوثق، وأن نتعرف على جوائزنا العربية عن كثب».
أما فالنتينا قسيسية فترى أن التواصل بين الجوائز المختلفة في الوطن العربي، «تعبير معلن عن أهمية مكافأة الإنتاج الإبداعي المميز، وخلق منافسة لإثراء المجال الأدبي والفني والإبداعي»، لافتة إلى أن «ضعف انتاجنا في الوطن العربي في الثقافة يؤكد أهمية الجوائز». وقالت إن الجوائز مهمة «في تحفيز الإنتاج والإبداع، على رغم الاختلاف في مستويات هذه الجوائز». وعددت قسيسية إيجابيات الجوائز العربية، لكنها أيضا تطرقت إلى بعض التحديات التي تواجه هذه الجوائز ومنها الانتقادات التي توجه للتحكيم، وما ينجم عنه مما وصفته بالشللية داخل لجان التحكيم، ما تؤدي إلى الإحباط عند المبدعين الحقيقيين بسبب ذهاب الجوائز إلى غير المستحقين لها.
تحدٍ آخر ذكره الدكتور علي بن تميم، وهو برامج المسابقات التلفزيونية التي توفر نجومية كبيرة للفائزين، وتصنع مؤثرين وتمنح أيضا قيمة مالية كبرى. وقال إنها تهدد الجوائز الأدبية العربية، وأن واقع الجوائز الأدبية بات مهددا بسبب هذه المسابقات.
في حين تطرق الدكتور هنري العويط إلى التحديات المشتركة، وأكد على الحاجة إلى التواصل والتشاور، للتعرف بصورة صحيحة ووافية على الجوائز الأخرى، والتداول في شؤون إدارة الجوائز، وتبادل التجارب والرؤى، «بما يؤول إلى تطوير كل جائزة على حدة والارتقاء بالجوائز العربية في شكل عام ويسهم بالتالي في إثراء الحياة الثقافية في المجتمعات العربية».
وذكر الدكتور العويط أن الجوائز العربية غدت في السنوات الأخيرة ظاهرة لافتة ومثيرة للاهتمام، بسبب تزايد عددها والضجة الإعلامية التي ترافق الإعلان عن نتائجها، واختلاط الأبعاد الاجتماعية والثقافية والسياسية فيها، إضافة إلى تشكيلها مادة دسمة للنقاد وتعليقات الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي. وقال إن قراءة ما كتب عن الجوائز وحولها يجعله يلاحظ أن فئة الجوائز الأدبية هي التي تستأثر بالنقاش والاهتمام دونا عن الجوائز الأخرى، التي تهتم بمجالات أخرى بعيدة عن الأدب.
اما الندوة الثانية التي شهدها المنتدى الذي تميز بالتنظيم، فكانت بعنوان «الجوائز العربية الفائزون والأثر» شارك فيها أمين عام جائزة الأركانة العالمية للشعر الدكتور مراد القادري مديرا للجلسة، إضافة الى أربعة من الباحثين والمبدعين الذين حصلوا على جوائز مميزة، هم: الدكتورة جوخة الحارثي من سلطنة عمان والدكتور سعيد المصري من مصر والشاعر شوقي بزيغ من لبنان والروائي يوسف المحيميد من السعودية. وقد تحدث المشاركون عن تأثير الجوائز في حياتهم العملية والإبداعية.
إلى ذلك، شارك في المنتدى: مصطفى معرفي (جوائز مؤسسة الكويت للتقدم العلمي)، وطالب الرفاعي (جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية – الجامعة الأميركية في الكويت)، والدكتور جمال بن حويرب (جائزة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة)، ومبارك سعد العطوي (جائزة يوسف بن أحمد كانو)، والدكتور علي عبد الله خليفة (جائزة عيسى لخدمة الإنسانية)، ومجذوب عيدروس (جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي)، وعبدالرحمن فايز المصري (جائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب)، وجلال الطواهية (جائزة الملك عبدالله الثاني بن الحسين للإبداع)، وحبيب الريامي (سلطنة عمان جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والأدب)، والدكتور بلال حمزة (جائزة شنقيط). ومن الجوائز التي لم تحضر، جائزة العويس الثقافية، وجائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة أبو القاسم الشابي في تونس، والجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر).