إسرائيل اليهودية المتدينة: أرقام وتحليلات

الدين غير منفصل عن السياسة في إسرائيل. فالهوية والمواطنة اليهوديان تشتقان من الدين، الذي هو أساس تكوين “الكيان الصهيوني”، ومن هنا بنيت الهوية السياسية للدولة: “دولة اليهود”. واليوم، يتخذ الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي في الداخل الإسرائيلي طابعا دينيا أكثر من أي طابع آخر. وهناك أعداد متنامية من المتدينين اليهود، خاصة في أوساط الشباب. وعلى مدار السنوات الماضية، بينت استطلاعات وتوقعت تقارير خبراء ديموغرافيين الخشية من أن تتحول إسرائيل، في العقد الثالث من القرن الحالي، إلى دولة دينية، يتمتع فيها المتدينون اليهود بتفوق عددي واجتماعي وثقافي وسياسي.

لقد دلل “استطلاع رأي” حول نسبة التدين في المجتمع الإسرائيلي، أجرته صحيفة “هآرتس” بمناسبة رأس السنة اليهودية، على أن أكثر من نصف المجتمع الإسرائيلي يعتقد أن “حقه في أرض فلسطين مشتق من وعد إلهي، وأن 56% يعتقدون أن اليهود هم شعب الله المُختار”. كذلك أظهر الاستطلاع حقيقة أن “الشباب، جيل 18-24 عاما، أكثر تدينا والتزاما بالتعاليم الدينية، وأكثر يمينية في الخارطة السياسية”. كما يشير الاستطلاع إلى “أن 64% من الشباب يؤمنون بالله وبالتوراة، مقابل 22% فقط من غير الشباب”، مع إيمان نسبة عالية منهم بدور الحاخامات ومكانتهم وتأثيرهم على القرار والواقع”

ضمن ردود عديدة على نتائج الاستطلاع، يبرز تعليقان بليغان. أولهما، أتى بقلم (جدعون ليفي) الذي كتب يقول: “كنت آمل لقاء الأغلبية المطلقة هذه، الأغلبية الحاسمة المتعجرفة، وأسألهم: هل أنتم جديون؟ لماذا أيتها الأغلبية العزيزة أنتم مقتنعون جدًا بأننا أبناء الشعب المختار، وأننا نعرف كل شيء أفضل من كل الشعوب، وأنه يحق لنا ما لا يحق لغيرنا، وأن ما يسري علينا لا يسري على الآخرين؛ لأننا متفوقون. لنترك الدين جانبًا ولنركز على المرض. اليهود الإسرائيليون الذين يعتقدون أنهم ينتمون لشعب مختار ملزمون بمراجعة أنفسهم وتقديم تقرير عن ذلك للآخرين. في حالة إسرائيل، من السهل إثبات أن الأمر يتعلق بفقدان العلاقة مع الواقع، بهذيان خطير. على كل الأحوال فإن شعبًا مقتنعًا بأنه شعب مختار هو شعب خطير على نفسه وعلى غيره”. ويضيف ساخرا: “(الشعب اليهودي) هو بحق شعب مميز، لديه تاريخ فاخر ودموي. ولليهود والإسرائيليين أيضًا هناك ما يتفاخرون به، ولكن عندما يقولون إنهم الشعب المختار من بين كل الشعوب ينكشف الذهان المرضي”. من جانبها، تقول (زهافا غالؤون) عضو الكنيست السابقة: “مسموح لممثلي الصهيونية الدينية أن يوظفوا قوتهم السياسية في تحقيق رؤيا أرض إسرائيل الكاملة. الممنوع والقبيح والدنيء هو انعدام الصدق. منذ أكثر من 51 عاماً نرسل أبناءنا للسيطرة على شعب آخر، للموت والقتل، كي تستطيع مجموعة مسيانية أن تتعطر بعطر أرض إسرائيل الكاملة”.

تتعمق العلاقة بين الديني والسياسي في إسرائيل، وتستمر إسرائيل في الانزياح نحو اليمين، ويتحول الصراع إلى صراع ديني. وتحديدا، منذ ولاية (بنيامين نتنياهو) الثانية في 2009 تسرب اليمين الديني في مفاصل الدولة والحكم والأجهزة الأمنية، حيث بات الحليف الطبيعي (لنتنياهو) وحكوماته اليمينية، وهو الأمر الذي وصفه (نتنياهو) صراحة في الانتخابات الأخيرة عندما اعتبر “البيت اليهودي” حليفا طبيعيا في الحكومة قبل تشكيلها، فمنحه في الحكومة الحالية وزارات التربية والتعليم والقضاء والزراعة، فيما دوره في دعم الاستعمار/ “الاستيطان” لا يخفى على أحد.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى