“قانون القومية”: آخر حلقات مسلسل الأبارثايد الإسرائيلي

تواصل الدولة الصهيونية كشف وجهها العنصري/ الإحلالي/ الاستعماري/ “الاستيطاني”، لتحقيق هدفها المشؤوم وفق المقولة الصهيونية التاريخية: “سكان أقل… وأرض أكثر”. فالنظام القائم في فلسطين اليوم يتجاوز في ممارساته العنصرية ممارسات نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. فـ “قانون القومية” الذي يقر الكيان الصهيوني “دولة قومية (للشعب اليهودي)” قانون عنصري يرسخ التفرقة العنصرية ويجرد الفلسطينيين من حقوقهم القومية والوطنية والثقافية، ويرمي إلى اقتلاع روح الشعب الفلسطيني من أرض فلسطين عبر الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأرض لصالح استعمار/ “استيطان” اليهود.

ومع تسارع الاستعمار/ “الاستيطان”، وعمليات التهويد والاستيلاء على الأرض في ظل القوانين العنصرية المتسارعة المقرة من “الكنيست” (البرلمان الإسرائيلي) حسم أمر صورة وحقيقة إسرائيل: دولة “الأبارتايد الثانية” بعد جنوب إفريقيا. فسياسة حكومة (بنيامين نتنياهو) واضحة، وهو ما تؤكده الحقائق والوقائع على الأرض. فسلطات الاحتلال تنفذ مخطط بناء استعماري/ “استيطاني” يكرس عزل جنوب الضفة الغربية عن وسطها وشمالها ويقوض فرصة إقامة دولة فلسطينية على أساس “حل الدولتين”. وفي الأثناء، يواصل “الكنيست” الحالي، الأكثر تشددا في تاريخ الكيان الصهيوني، دراسة وإقرار قوانين عنصرية داعمة للاحتلال وشرعنة الاستعمار/ “الاستيطان”، علاوة على طرح قوانين مباشرة أو غير مباشرة تستهدف الفلسطيني كفلسطيني أينما وجد في فلسطين التاريخية.

لم يكن مستغربا وقوف (نتنياهو) نفسه وراء القانون. فمنذ سنوات وهو يصور فلسطينيي 48 كمصدر إزعاج، ووصفهم “بالمشكلة الديموغرافية” عندما كان وزيراً للمال. وفي الانتخابات الأخيرة، نشر الفيديو الكاذب الذي وفقاً له “العرب يتحركون بأعداد غفيرة نحو صناديق الاقتراع”. وكرئيس للحكومة، قام، بحسب الصحافة الإسرائيلية، بزيارتين فقط للبلدات العربية ولم يظهر قط اهتماماً بالمجتمع العربي وبمشكلاته. وفي افتتاحية لصحيفة “هآرتس”: “من خلال رفضه مبدأ المساواة الذي أعلنته وثيقة الاستقلال، وبدفعه من أجل إقرار القانون ورفضه أي تغيير وتعديل، عيّن نتنياهو نفسه رئيساً لحكومة الأبارتايد. لا يوجد وصف مناسب لنظام حكم يمنح قسماً من المواطنين حقوقاً أكثر، ويُحرم مواطنين آخرين من هذه الحقوق بقانون أساس”.

وهذا الحال لا ينطبق على رئيس الحكومة والإتلاف اليميني الحاكم فحسب، بل يتعداه إلى غالبية المجتمع الإسرائيلي الذي بات توجهه نحو اليمين واضحا منذ بداية العقد الماضي. فالتغّول اليميني الذي يسيطر على إسرائيل اليوم، يلامس حدود الفاشية، في ظل أشرس حكومة يمينية شهدها تاريخ الدولة الصهيونية. هذا، مع التأكيد على أن مقارفات سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفوق ما جاء في القانون بكثير، حيث تسوغ وتبرر المحاكم الإسرائيلية هذه الأيام كل الممارسات العنصرية. أما الجديد، هذه المرة، فهو “مأسسة” هذه العنصرية وإعلان الكيان الصهيوني دولة لليهود فقط.

جريمة الأبارتايد تتعزز اليوم بوضوح في تعامل الاحتلال مع الفلسطينيين سواء في فلسطين 48 أو 67: الحرمان من الحق في الحياة والحرية، إخضاعهم للاعتقالات العشوائية ومصادرة الممتلكات، حرمانهم من حق مغادرة البلد والعودة إليه و/أو حرية التنقل والإقامة، إنشاء معازل… وغيرها. وفي مقال يدعو فيه الجميع للنضال ضد “قانون القومية”، كتب المحلل السياسي (زئيف شطرنهل) يقول: “قانون القومية استخدام فظ للقوة من أجل حرمان مَنْ ليس يهودياً حقوقه، لذا فهو غير شرعي ويجب محاربته. وكل شخص من معارضي قانون الأبرتايد لديه اتصالات في الخارج يجب عليه أن يستخدمها من أجل دق ناقوس الخطر”. و”قانون القومية” هذا إنما هو حلقة في مسلسل الأبارثايد، أحدثها نعم، لكن ليس آخرها!