(نتنياهو) المرتشي… هل بدأ السقوط؟!!!

اليوم الاثنين، 19/2/2018، تسارعت الأمور بخصوص الاتهامات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) مع الكشف عن تفاصيل ما اعتبر ملف الفساد الأخطر الذي يحمل الرقم (4000)، والذي تدور التحقيقات فيه حول نيل (نتنياهو) وزوجته (سارة) تغطية داعمة من موقع “واللا” الإخباري العبري الإلكتروني، مقابل صفقات وتسهيلات لمالك الموقع (شاؤول أولوفيتش) ربح من خلالها عن طريق شركة “بيزك” ملايين الشواقل. بالمقابل، تحدثت توصيات الشرطة الإسرائيلية وملخص تحقيقاتها عن وجود إشارات قوية وبيّنات تفيد بارتكاب (نتنياهو) مخالفات جنائية منها تلقي الرشوة “مقابل خدمات واحتيال وخيانة الأمانة” في الملفين المعروفين إعلاميا بـ “1000” و”2000″. وبحسب الشرطة، “تلقى نتنياهو، على مدار 10 سنوات، نحو مليون شيكل رشوة”. في السياق، ينتظر السياسيون الإسرائيليون المستشار القضائي للحكومة (آفيحاي مندلبليت)، الإسراع باتخاذ القرار إذا ما كان سيتم توجيه لائحة اتهام ضد (نتنياهو). فمنذ اختيار (نتنياهو) لصديقه المقرب (مندلبليت) في هذا المنصب في العام 2015، وجهت للأخير اتهامات بأن (نتنياهو) اختاره ليكون ممثلا له في السلك القضائي، وهو ما ظهر واضحا حين منع (مندلبليت) في بداية العام الماضي الشرطة من إجراء تحقيقين موازيين ضد (نتنياهو) وزوجته في ذات القضيتين التي من المتوقع توجيه لائحة اتهام ضد (نتنياهو) بسببهما.

ورغم أن توصيات الشرطة التي ستقدم للنيابة العامة وإلى صديق (نتنياهو)، لا تعني تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء ولا تجبره على الاستقالة، إلا أن عددا من السياسيين استبق النتائج النهائية وبدأ يتحدث عن بداية النهاية لحياة (نتنياهو) السياسية، مع مطالبته بالاستقالة فورا، خاصة مع بدء التحقيق الجديد في ملف (4000) وكشف النقاب عن أسماء المعتقلين في القضية وهم، المقربان من رئيس الوزراء الإسرائيلي، مدير عام وزارة الاتصالات الموقوف عن العمل (شلومو فيلبر) ومستشار عائلة (نتنياهو) سابقا لشؤون الاعلام (نير حيفتس)، ومالك الشركة (شاؤول ألوفيتش) وزوجته (إيريس) وابنهما (أور) وكبير مساعدي (ألوفيتش) في الشركة (عميكام شورير) ومديرة عام “بيزك” (ستيلا هندلر). وعلى رأس هؤلاء المطالبين باستقالة (نتنياهو) رئيس حزب “العمل”(آفي غباي) المعارض، الذي قال إن “عهد نتنياهو قد انتهى. يتوجب على كل الشخصيات العامة المتوازنة تعزيز موقف الشرطة والقانون والعمل على إنهاء فترة حكم نتنياهو”. كذلك، جاءت تصريحات رئيس حزب “هناك مستقبل” (يئير لبيد)، والذي وفق توصيات الشرطة، كان شاهدا مهما في التحقيقات، حيث قال: “في بلد يدار بشكل صحيح، فإن الشخص الذي توجه له مثل هذه التهم، والتي لم ينكرها، لا يستطيع مواصلة العمل كرئيس للحكومة”. أما (يوسي بيلين)، الوزير الأسبق، فقد كتب “يتوجب على نتنياهو تقديم استقالته. لا أحد يتهم نتنياهو بالخيانة أو بإهمال شؤون الدولة، ولكن بالفساد الشخصي، وهنا لا يوجد علاقة بين إخلاصه للدولة وبين الشبهات الثقيلة ضده”.

المستشار القضائي (مندلبليت) أعلن مؤخرا أنه لن يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة: “لا أحد فوق القانون ولا أحد يلقى معاملة مختلفة، وهذا ما سيكون إن وجدنا أرضية قانونية تتيح تقديم لائحة اتهام. هذا العمل يحتاج وقتًا، ويتم وفق قواعد مهنية تستند إلى المصلحة العامة”. ورغم ذلك، طالب ممثلو الكتل البرلمانية غير المشاركة في الائتلاف الحكومي في الكنيست، (مندلبليت) بالإسراع باتخاذ القرار إذا ما كان سيتم توجيه لائحة اتهام ضد (نتنياهو).

على صعيد مختلف، عبر عدد من الصحفيين البارزين عن آرائهم بهذا الخصوص. فقد اتهم الصحفي (الوف بن) رئيس الوزراء “باستغلال مكانته السياسية ونفوذه لمصالحه الشخصية وليس مصلحة إسرائيل، وأنه حاول أن يسيطر على وسائل الاعلام التي يعتقد أنها معادية له وبالتالي هو لم يعمل خلال وجوده رئيسا للحكومة على خدمة المواطنين بقدر عمله على تعزيز نفوذه وسلطته السياسية”. ومن جهته، كتب المحلل (يوسي فيرتر) “نتنياهو اليوم أشبه ما يكون برئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، قبل 10 سنوات عندما صرح أنه لم يتلق أي رشوة. الإسرائيليون يستحقون شيئا أفضل من زعماء فاسدين وطماعين وعاشقين للأموال وفاقدين للأخلاق”. أما (سيما كدمون) فقالت: “بدأ الحديث عن “بداية النهاية” بالنسبة لنتنياهو… الذي انجرف في منحدر ويحاول التعلق بأي شيء في طريقه، يدرك أنه حتى وسط أنصاره لن يصدق كثيرون ادعاءاته التي حاول تسويقها”.

نهاية الحياة السياسية (لنتنياهو) إن حصلت لا تعني بالمطلق سقوط الائتلاف اليميني الحاكم، الذي يسعى لتماسك الحكومة، حفاظًا على المكتسبات التي حققها خلال فترة (نتنياهو). فرئيس حزب “كلنا” وزير المالية (موشيه كحلون) و(لبيد) قادران على بلورة ائتلاف حكومي يستبعد (نتنياهو) مع من سيخلف الأخير في رئاسة حزب “ليكود”، أو حتى ضم زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” (أفغيدور ليبرمان). لكن، يبدو أن (نتنياهو) يراهن على صديقه (مندلبليت) لإنقاذه من الغرق، وهو ما ظهر جليا في تصريحاته بعد توصيات الشرطة، حين قال: “بحسب القانون، الشرطة لا تحدد أي شيء، القرار كله بيد الأجهزة القضائية”. فهل يحمي (مندلبليت) صديقه (نتنياهو) من الغرق فتنتصر “المحسوبية” على العدالة في “واحة الديموقراطية” المزعومة – إسرائيل؟!!!

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى