إسرائيل “الإنسانية” وأطفال فلسطين!!!

لولا ادعاء الدولة الصهيونية بأنها “واحة الديموقراطية” و”موئل الإنسانية” في الشرق الأوسط (وهو الأمر الذي تؤيدها فيه دول وقوى عالمية متصهينة) لما امتلكنا “الجرأة” على كشف المقارفات الإسرائيلية (دون غيرها من الدول الشمولية أو الفاشية) بحق أطفال فلسطين ناهيك عن التنديد بها. ولأن واقع “إسرائيل” يكذب الإدعاء أعلاه، كان لابد من تعرية الوجه القبيح الإسرائيلي سعيا وراء مساعدة الأطفال الفلسطينيين.

بحسب تقرير جهاز “الإحصاء الفلسطيني” فإن عدد الأطفال (أقل من 18 عاما) في فلسطين، منتصف 2016، “يقدّر بحوالي 2,207,535 طفل، أي ما نسبته حوالي 45.8% من السكان، منهم 1,127,283 ذكرا و1,080,252 أنثى”. ومعروف أن الطفل الفلسطيني يعاني من أبسط الحقوق الدولية التي يتمتع بها أطفال العالم: قتل، اعتقال، حصار، جوع، ومنهم من فقد معنى الطفولة ومتعة الحياة. وطبعا، الاحتلال الإسرائيلي هو مصدر هذه المعاناة، التي زادتهم في نفس الوقت إصرارا وتحديا للواقع المرير الذين يعيشونه ولذلك كانت “الهبة” الفلسطينية المستمرة منذ أكثر من عام. وكثير منهم يعمل بسبب الحاجة الاقتصادية للمساعدة في رفع دخل أسرهم فيضطرون للتسرب من مدارسهم. وبحسب “جهاز الإحصاء الفلسطيني”، في بيان أصدره بمناسبة يوم الطفل العالمي، فإن “4.5% من إجمالي عدد الأطفال في الفئة العمرية 10-17 عاما، هم أطفال عاملون سواء بأجر أو دون أجر خلال 2015، بواقع 5.7% في الضفة الغربية و2.8% في قطاع غزة”. وفي حين أن معدل الأجر اليومي بالشيقل للأطفال 10-17 عاما العاملين كمستخدمين بأجر، بلغ 48.7 شيقل (أي ما يعادل: 13 دولارا أمريكيا)، بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للأطفال العاملين 44.4 ساعة عمل أسبوعياً خلال 2015″.

منذ بداية “الهبة الفلسطينية”، شهدنا العديد من التحولات على قضية أطفال فلسطين، كان من بينها ازدياد عمليات الاعتقال المنظمة، وإقرار عدد من القوانين العنصرية على رأسها السماح باعتقال الأطفال دون سن 14 عاما، وإصدار عدة أحكام عالية وغرامات مالية باهظة بحق عدد من الأطفال الأسرى. ولقد أشارت البيانات الصادرة عن “الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين” أن “الاحتلال اعتقل 2,634 طفلاً خلال 2015، وهناك 1,260 طفلاً تم اعتقالهم خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2016، حيث ما زال 400 طفل في السجون، غير أولئك الذين دخلوا فئة الشباب أثناء وجودهم بالاعتقال”. وحسب سجلات هذه “الحركة”، “ارتقى 31 طفلا شهيداً خلال 2015، في حين ارتقى 32 طفلا خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2016”. ولقد عرض “نادي الأسير الفلسطيني”، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين، والتي صُنفت كجرائم، ومنها “إطلاق الرصاص الحي عليهم بشكل مباشر ومتعمد، ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف وإبقائهم دون طعام أو شراب، واستخدام الضرب المبرح، وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم، وتهديدهم وترهيبهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد”. أما في القدس العربية الشرقية تحديدا، فإن آلاف الأطفال الفلسطينيين يعانون يوميا من الإجراءات الإسرائيلية. وبحسب جمعية “حقوق المواطن في إسرائيل” يتبين أن “الاعتقال، والفقر، ونقص الغرف التعليمية، والحرمان الاجتماعي، إضافة إلى القوانين المتشددة، خمس معضلات أساسية يواجهها الأطفال الفلسطينيون في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بفعل ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيها”.

في بيان لهم، دعا 49 برلمانيا أستراليا إسرائيل إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لإساءة معاملة الأطفال الفلسطينيين في نظام الاعتقال العسكري الإسرائيلي”. واعتبر الموقعون على البيان أن “إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال في المحاكم العسكرية بشكل اتوماتيكي. وأن تقارير اليونيسيف تؤكد أن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين واسعة الانتشار ومنهجية، بل شملت أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 11 عاما”. وتأسيسا على هذا، يتوجب على مؤسسات المجتمع المحلي، بالتعاون مع المؤسسات الدولية، الاستمرار في استحداث برامج ومشاريع طارئة للمساعدة في التصدي للواقع المرير الذي يواجهه الأطفال من أجل الدفاع عن حقوق الطفل الفلسطيني وتوثيق وفضح الانتهاكات التي يتعرض لها، إضافة إلى محاولة دعمه ومساعدته على التكيف مع أوضاع تتميز بالاعتقال والقتل والإرهاب. ومن الضروري متابعة توصيات “المؤتمر الوطني الثالث عشر للأطفال” الذي نظمته “الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين”، والذي كان أوصى “بضرورة تعزيز العلاقة بين الأطفال والمسؤولين وصناع القرار، خاصة بالشؤون المتعلقة بالأطفال وحقوقهم”. كما أوصى المؤتمر العالمي هذا “بضرورة العمل بكافة الوسائل الممكنة لفضح انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال على كافة الصعد، وفي جميع المحافل الدولية والعمل على تشكيل مجموعات ضغط دولية لمساءلة ومحاسبة قادة الاحتلال على انتهاكاتهم لحقوق أطفال فلسطين”.

Dr.asad

كاتب وباحث عربي، ومحلل سياسي مختص في القضايا الفلسطينية وشؤون الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى