مرة ثانية: هل يفعلها الرئيس أوباما؟!!!
الحديث عن مبادرة يقوم بها الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) في “مجلس الأمن” على نحو مباشر، أو عبر فرنسا، حديث يتكاثر ويتجدد في ظل سعار “الاستيطان”/ الاستعمار الذي تقوده حكومة (بنيامين نتنياهو) اليمينية المتطرفة. وتظهر البيانات الإسرائيلية الرسمية أن الربع الثاني من 2016 شهد أعلى معدلات للبناء “الاستيطاني” في 3 سنوات. ويكفي أن عدد “المستوطنين” قد تضاعف منذ توقيع اتفاق أوسلو ثلاث مرات ويبلغ اليوم نحو نصف مليون “مستوطن” يقيمون بنحو 130 مستعمرة بما في ذلك الشطر الشرقي للقدس المحتلة. وفي الأثناء، تزايدت الانتقادات الأمريكية لإسرائيل بخصوص الاستعمار/ “الاستيطان”، بالتوازي مع انتقادات الاتحاد الأوروبي، ومن قبله ممثلو اللجنة الرباعية حيث أعلنوا جميعا رفضهم بناء بؤر “استيطانية” جديدة “الأمر الذي يضعف احتمالات التوصل إلى حل الدولتين في إطار عملية السلام، ويجعل من إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أكثر بعدا”.
في السياق، يثور السؤال: في آخر أيامه هل يجعل الرئيس (أوباما) الإدارة الأمريكية تصوت لصالح مشروع قرار جديد يدين سياسة “الاستيطان” في مجلس الأمن الدولي؟ أو على الأقل تمتنع إدارته عن استخدام الفيتو؟ فوزارة الخارجية الأمريكية، في بيان شديد اللهجة هو الأحدث، أدانت استمرار بناء البؤرة “الاستيطانية” مؤكدة: “هي خطوة أخرى نحو ترسيخ واقع الدولة الواحدة والاحتلال الدائم، ولا تنسجم مطلقا مع مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”. وفي مقال لافت لهيئة التحرير في “نيويورك تايمز” بعنوان “عند نقطة الغليان مع إسرائيل”، أكدت: “إذا كان هدف الحكومة الإسرائيلية هو الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، الآن أو في المستقبل، فإنها أصبحت قريبة من تحقيق هذا الهدف. من الواضح أن نتنياهو لا يعبأ بما تعتقده واشنطن، ولذلك، سيعود الأمر إلى الرئيس أوباما ليعثر على طريقة أخرى للحفاظ على خيار الدولتين قبل أن يغادر منصبه. ربما تكون أفضل فكرة قيد المناقشة الآن هي جعل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يضع الخطوط العريضة لاتفاق سلام، من خلال قرار رسمي، والذي يغطي قضايا مثل أمن إسرائيل، ومستقبل القدس، ومصير اللاجئين الفلسطينيين، وحدود كلتا الدولتين”.
حتى اللحظة، لطالما كان الفشل في تجميد “الاستيطان” محور التوترات بين الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية. والإدانات الأمريكية، رغم شدتها اللغوية، لم تمنع أو توقف إسرائيل عن بناء بؤر “استيطانية” جديدة. بل إن المواقف الأمريكية التي لا تهدد باستخدام الفيتو ضد قرار إدانة “الاستيطان” كانت على الدوام المحفز الذي يشجع إسرائيل على تحدي الإرادة الدولية والمضي في بناء “المستوطنات” الجديدة. ومن الأمثلة الأبرز استخدام واشنطن الفيتو ضد مشروع القرار الذي قدم الى “مجلس الأمن” بشأن “الاستيطان” في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 رغم تأييد غالبية أعضاء “المجلس” له ودعم 145 دولة في “الجمعية العامة” للامم المتحدة لهذا المشروع.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة إعلانات قوية صدرت مؤخرا عن الإدارة الأمريكية. فقد قال سفير الولايات المتحدة في إسرائيل (دان شبيرو) في مقابلة مهمة مع القناة الإسرائيلية العاشرة: “إن الولايات المتحدة تدرس عدة خيارات، ومن ضمنها دعم قرار في مجلس الامن حول الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني”. أيضا نائب مستشار الامن القومي في البيت الأبيض (بن رودس) قال: “ان الرئيس أوباما لا ينفي خطوة كهذه رغم أنه لم توضع بعد أمامه خطة مبلورة”. بل إنه، بحسب كتاب إسرائيليين عديدين، بات (نتنياهو) يخشى بالفعل أن تبادر الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات أحادية الجانب على صعيد دولي. ففي مقال للكاتب الإسرائيلي (براك ربيد) تناول فيه حديث (كيري) في نقاش مغلق حول “الاستيطان” في اجتماع الدول المانحة للسلطة الفلسطينية الأخير: “أقوال كيري عكست اليأس لديه، اضافة إلى ادراكه هو والقادة في البيت الابيض انه يجب دراسة امكانية وجود قرار في مجلس الامن للحفاظ على امكانية تطبيق حل الدولتين في المستقبل”. وفي تحليل للكاتب السياسي (آري شافيط) قال: “فشل أوباما تحديداً في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني.. كيف يمكن لرئيس مثله يثق بنفسه ويتمتع بشعبية كبيرة جداً أن يترك وراءه مثل هذا الفشل المدوي؟”. وبهذا الخصوص، يومئ الكاتب (شافيط) بأن الرئيس (أوباما) لن يستطيع أن يقبل بمكانة الفاشل في موضوع الصراع الفلسطيني/ العربي/ الإسرائيلي. وقبل أقل من أسبوع، أعلن السياسي البارز (يوسي بيلين): “الانتخابات (الأمريكية) تفتح نافذة مرة واحدة لكل رئيس. فالرئيس رونالد ريغان استغلها لبدء الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية في 1988، والرئيس بيل كلينتون للبدء في محادثات سلام قمة كامب ديفيد في 2000”.
مرة أخرى نتساءل: هل يقوم (أوباما) بإصدار قرار عبر مجلس الأمن لدعم حل الدولتين يوقف “الاستيطان” مع تقديم خطوط واضحة لما يمكن أن يكون عليه أساس حل الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي؟ هذا هو السؤال المركزي والمنطقي… يبقى برسم الإجابة في المستقبل القريب.