عن الجذور البعيدة للعنصرية في “إسرائيل”
الإسرائيلية الحائزة على جوائز كبرى (شولاميت ألوني) كتبت مقالا أعادت فيه مشهداً عنصرياً رأته شخصياً سبب صدمة كبيرة للرأي العام الإسرائيلي. و(شولاميت) وزيرة التربية في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (إسحق رابين)، بدأت مقالها بالاعتراف: “نعم بالتأكيد هناك عنصرية في إسرائيل”، ثم أكملت: “الاعتقاد بأن اليهود وحدهم هم على حق أعمى أبصارنا إلى حد أصبحنا معه لا نرى الصواب الماثل أمام أعيننا. إنه من المخزي بأن يتصرف اليوم اليهود، بعد أن كانوا ضحايا العنصرية البغيضة لأجيال طويلة في مدى التاريخ، تصرفاً عنصرياً بطريقة عنيفة دينية مشبعة بالكراهية والشر ضد الشعب الفلسطيني. لقد اتخذت إسرائيل لنفسها سياسة عنصرية بغيضة ضد الفلسطينيين المواطنين الأصليين”.
علينا الفحص والتمحيص عن الأسباب الجذرية التي أنتجت التفرقة العنصرية البغيضة السائدة في إسرائيل خاصة تلك التي يرافقها فكر ديني تكفيري يهودي يلغي كلياً الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين، كي يتم تهويد فلسطين التاريخية كلها. وبحسب علم النفس الحديث الذي تعلمه المعاهد العليا حول العالم، فإن الشعور الاستكباري الذي يظهره أي شخص ما هو إلا قناع زور يغطي شعوراً من النقص الشنيع يأكل المستكبر من داخل نفسه التي يكرهها أشد الكره فينفث كرهه لنفسه على شكل كره للآخرين، و”الإناء ينضح بما فيه” خيراً كان أم شرا.
عقد النقص في المستكبرين المتدينين اليهود الأشكناز عديدة تنغص عيشهم ليلاً نهاراً. لنأخذ المثال الأول لديهم والقائل “أن التوراة معصومة من الخطأ وهي كلمة المولى لليهود شعب الله المختار”. ولكن أساتذة التوراة، يهوداً ومسيحيين، يعلمون في الجامعات في أوروبا وأمريكا بأن للتوراة مؤلفين عدة وأن هؤلاء الذين دونوا التوراة نقلاً من التناقل الشفهي أثناء الأسر في بابل نقلوا أيضاً من مكتبتها أساطير كثيرة زادوها على النص التوراتي. فلقد دامت التوراة في التناقل الشفهي مدة تزيد عن 700 سنة بعد رحيل النبي موسى إلى أن تمت كتابتها في بابل. وإذا ذهبنا إلى (ويكيبيديا) نجدها تؤكد: “أن التوافق قد تم بين كل أساتذة التوراة الجامعيين على أن التوراة قد جرى تأليفها من قبل مؤلفين عدة وقد تم تغييرها على مدى قرون”. هذا أمر أول.
أما الأمر الثاني فموجود في كتاب التلمود الذي ألفه الحاخامات لأجل تفسير التوراة، وبدلاً من أن “يكحلوها… أعموها”! فلقد أصبح التلمود أقدس من التوراة نفسها لدى الأورثوذكس اليهود، مع أن ثمرات التلمود العنصرية الفاشية شاخصة لكل عين فاحصة سواء في إسرائيل أو خارجها. فالحاخام (ماير كاهانا) العنصري قال بصراحة تامة في برنامج “60 دقيقة” الذي أذاعته (سي بي إس): “إني أدرس طلابي أن العرب كلاب وهذا مستوحى كلياً من التلمود المقدس”. وفعلا، إذا تفحصنا التلمود، نرى هذه المقاطع فيه”: “إن اليهود هم البشر الوحيدون وغير اليهود ليسوا من البشر لأنهم بهائم حيوانية”، و”كل من سفح دم غير يهودي كافر فهو عمل مقبول لدى المولى ويمكن اعتباره قرباناً مقدساً لله”. وغير ذلك من الأقوال التي يمتلئ بها التلمود الذي أدى إلى طرحه جانبا وإلغائه من كتب المعابد التابعة لليهود المتجددين في الولايات المتحدة. وبالمقابل، فإن “مجمع الأورثوذكس اليهود في إسرائيل” اعتبر “يهود أمريكا المجددين” غير يهود لأنهم خرجوا على تعاليم التلمود العنصرية التي تتحكم بإسرائيل اليوم.
السبب الثالث الذي شكل عقدة نقص كبرى لليهود المتدينين الأشكناز هو الاكتشاف الطبي من قبل علماء وأطباء يهود أشكناز في إسرائيل وفي نيويورك. فهؤلاء اكتشفوا من خلال فحص الحمض النووي بأن الأشكناز ليسوا ساميين بل آريين لا صلة قرابة لهم أبداً بتاتاً بالنبي إبراهيم ولم يكن لهم أي وجود تاريخي في فلسطين. وبحسب الإنسكلوبيديا اليهودية فإن الأشكناز هم الخازار الذين كانوا يعبدون عضو الذكر التناسلي عندما كانوا وثنيين في خدمة الإمبراطورية البيزنطية قبل أن يعتنقوا الديانة اليهودية في القرن الثامن الميلادي. ولقد اكتشف هذه الحقيقة العلمية، في عام 2012، الدكتور (ايران الحايك) الذي يعمل في معهد (جون هوبكنز) في قسم الجينات حيث تأكد له أن الحمض النووي للأشكناز هو ذلك الحمض الخاص بالخازار الآريين الذين كانت دولتهم على سواحل بحر قزوين.
هذه الأسباب كلها أخفاها اليهود الأشكناز (خاصة المتدينين فهم الذين يتبعون تعاليم التلمود) في نفوسهم فخلقت عندهم عقد نقص عديدة أخفوها داخل نفوسهم واستعاضوا عنها بأقنعة زور مختلفة استكبارية تغطي نقصهم الذي جعلهم يتصرفون بوحشية عنصرية ضد الشعب الفلسطيني المحتل.