كيف تتجلى أعراض التحول الفاشي المكارثي العنصري في إسرائيل؟

في بداية ثمانينيات القرن العشرين، استخدم البروفيسور الإسرائيلي (يشعياهو ليفوفيتش) مصطلح “يودو ـ نازية” مازجاً اليهود بالنازيين. وقتها، اعتبروا ذلك البروفيسور شخصا هاذيا منقطعا عن الواقع في ضوء (أو ظلام) هيمنة الكذبة السمجة المتداولة في حينه، وهي أن إسرائيل “واحة الديموقراطية في مستنقع عربي آسن”!! اليوم، تبين أن ذلك البروفيسور كان واقعيا يقرأ المجتمع الإسرائيلي بعين الفاحص المدقق، حيث أن عديد الكتاب والمحللين السياسيين الإسرائيليين يؤكدون اليوم تنامي أعراض الفاشية المكارثية العنصرية في إسرائيل في ظل حكومة اليمين المتطرف بزعامة (بنيامين نتنياهو)، الذي نجح بتشكيل الحكومة الأكثر يمينية وفاشية في تاريخ الدولة الصهيونية بعد تسليم المستعمر/ “المستوطن” القومي المتطرف (أفيغدور ليبرمان) وزارة “الدفاع”.

نائب رئيس أركان جيش “الدفاع” الجنرال (يئير جولان) أعلنها صراحة: “الأعراض في إسرائيل اليوم هي شبيهة بالوباء في ألمانيا النازية، وإسرائيل تسير على ذات الخطا”. وقد أقر وزير البيئة اليميني (آفي جباي) بأن “العنصرية الإسرائيلية تعيد إلى الأذهان العنصرية التي كانت سائدة في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي”. كما كتب المفكر اليهودي (بي ميخائيل) قبل نحو شهرين يقول: “إسرائيل تطبق حالياً المصطلح الألماني “VOGELFREI” الذي كان يستخدمه النازيون، وكان يُستخدم لتشريع المس بكل من هو غير ألماني. إسرائيل اليوم تعيش أحط عصور الفاشية الجديدة التي تشيطن كل من ينتمى إلى دين أو عرق أو شعب آخر، وتسوّغ المس بحق هؤلاء في البقاء والحياة، بعد مصادرة حقوقهم وتصويرهم كمجرد كائنات خطيرة وتهديد متواصل”. أما الباحث الإسرائيلي (إيتان بكرمان) فيقول: “إن مجتمعاً يمكن أن يقبل إحراق عائلة في منزلها والدفاع عن هذه الجريمة، أو القبول بحق الذين يؤيدون هذه الجريمة بالمجاهرة بتأييدها يعكس توجهات لا تختلف عن توجهات النازية”. ويضرب مثلا فيقول: “نسبة ضئيلة من النازيين شاركت في عمليات الإبادة الجماعية ضد اليهود وغيرهم، بينما اكتفى عشرات الملايين من الألمان بتأييد هذه الممارسات، أو الصمت تجاهها ومع ذلك، فإن العالم حمّلهم جميعاً المسؤولية عن هذه الجرائم، وعدّهم جزءاً من مشروع القتل النازي، وهذا ما يحدث عندنا بالضبط”. من جانبه، قال رئيس الكنيست الأسبق (ابراهام بورغ): “قرابة نصف (الشعب) الإسرائيلي، عنصري، وعنيف وسطحي ومتعطش للدماء، ومتطرف وعدواني وقومي”. وكتب المحلل السياسي (جدعون ليفي): “لأول مرة في تاريخ الدولة، أصبح خطر الفاشية خطراً حقيقياً، لا بل محدقاً”. وفي هذا الشأن، وعلى نحو لافت بسبب أهمية القائل، صرح (إيهود باراك) “إسرائيل أصابتها بذور الفاشية. يجب أن يكون ذلك ضوءا أحمر لنا جميعا”.

إن مضامين ودعوات هذا التحول الفاشي المكارثي العنصري في إسرائيل تظهر في مواقف حاخامات ووزراء وأعضاء كنيست. بل إن (نتنياهو) نفسه لا تخلو تصريحاته اليومية من تأكيد وقوع هذا التحول. وفي سياق هذا التحول، جاءت دعوة عضو الكنيست (بتسلئيل سموطريتش) من “البيت اليهودي” للفصل بين الوالدات اليهوديات والعربيات في المستشفيات، كذلك، مساعي وزيرة “العدل” (أيليت شكيد) تغليب صلاحية “الكنيست” على صلاحية محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التي تحرص – أي المحكمة على إفشال قوانين غير قانونية يقدمها متطرفو الكنيست. بالمقابل، يظهر هذا التحول في خطاب الكراهية الديني، حيث يواصل الحاخام الأكبر لليهود الاسرائيليين الشرقيين (يتسحاق يوسيف) فتاواه الارهابية. فبعد أن أصدر فتوى تجيز قتل كل من يحمل سكينا، حرض على الكراهية والعنصرية قائلا: “يجب على الفلسطينيين أن يكونوا خدماً لليهود، أو يحظر عليهم، كما على غيرهم من الأغيار (غير اليهود)، العيش في هذه البلاد”. والغريب العجيب أن رئيس “المعسكر الصهيوني” المفترض أنه رئيس “المعارضة”(!!!) في الكنيست (إسحاق هرتسوغ) قد توجه إلى أعضاء حزبه، مشددا على ضرورة معالجة تراجع تأييد الإسرائيليين لحزبه، وأن معالجة ذلك هي “في منع الشعور القائم لدى الإسرائيليين، بأننا محبون للعرب (فلسطينيو 48)”.!!!

في تقريره السنوي لعام 2016 حول العنصرية الإسرائيلية، أورد مركز “مساواة” الإسرائيلي ومقره في حيفا ملفات العنف العنصري وممارسات الشرطة الإسرائيلية التي، في عام 2015، سجلت: 10 اقتراحات قانون عنصرية في الكنيست، و30 نشاطاً يستهدف الحد من الحرية السياسية لقيادات من فلسطينيي 1948، و38 موقفاً عنصرياً صادرا على لسان قيادات إسرائيلية، و12 نشاطاً عنصرياً بهدف الإضرار بالأماكن المقدسة (الإسلامية والمسيحية)، و103 ملفات عنصرية صادرة عن مؤسسات رسمية وأخرى اقتصادية خاصة وعامة، و123 عملاً عنصرياً نفذها (أفراد) إسرائيليون، و39 نشاطاً عنصرياً صدر عن رجال أمن، و31 حالة عنصرية في مؤسسات تعليمية وأكاديمية إسرائيلية، و60 نشاطاً عنصرياً في ملاعب كرة القدم في إسرائيل، و19 منشوراً عنصرياً في مواقع إعلامية إسرائيلية… إلخ. فهل، بعد كل هذا، تغيب الحقيقة الفاشية/ العنصرية الإسرائيلية عن أعين البعض؟!!