“مصلحة وأمن إسرائيل”: مفتاح الوصول إلى البيت الأبيض؟

رغم كل ما يقال عن التوتر الشديد بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة الصهيونية، تبقى منظمة “إيباك” (اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة) أهم جماعة ضغط على الساحة الأمريكية. ويعتبر مؤتمرها السنوي من أكبر التجمعات السياسية في واشنطن حيث يحضر المؤتمر زعماء الكونغرس والبيت الأبيض والإدارة الأمريكية. وفي هذا العام، لم يختلف مؤتمر “إيباك” عنه في السنوات السابقة، اللهم باستثناء درجة الإسفاف التي وصلها مرشحو الرئاسة الأمريكية في إعلانهم التأييد والدعم الكاملين لسياسات الدولة الصهيونية. فمثلا: (تيد كروز) الجمهوري اليميني الداعم لإسرائيل على أسس دينية توراتية، تعهد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وعنده كلمة “فلسطين” ليست موجودة، منهيا حديثه بالقول: (يحيا شعب إسرائيل). أما التقدم الذي يحرزه كل من (ترامب) الجمهوري و(كلينتون) الديموقراطية، فينذر بمعركة حامية بينهما في الخريف المقبل، إذا ما تمكنا من الفوز بترشيح حزبيهما لسباق الرئاسة الأمريكية. وفي موضوع الإنحياز للدولة الصهيونية وطلب رضاها، جدد (ترامب) التزامه بحماية أمن إسرائيل، معلنا أنه سيزورها قريبا. ووصف في مقابلة مع صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) إسرائيل بـ”معقل الأمل الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط”، وأنها “تواجه اليوم خطرا أكبر من أي وقت مضى بسبب الاتفاق النووي الذي عقده أوباما مع إيران”. وأضاف: “إنني أظن أن الوضع الذي دفع رئيسنا إسرائيل إليه فظيع جدا، وأظن أن أوباما تعامل بصورة سيئة جدا مع (شعب) إسرائيل”. ثم اعتبر أن “حبه لإسرائيل و(شعبها) منذ وقت طويل جدا: سنضمن أن تبقى إسرائيل في حالة جيدة جدا إلى أبد الآبدين”. في المقابل، أكدت المرشحة الديموقراطية في عديد التصريحات عن انحيازها لإسرائيل وأنها ستقدم الأسلحة “الأكثر تقدما”، مثلما تعهدت الوقوف ضد المقاطعة العالمية للدولة الصهيونية. وفي السياق، نقلت صحيفة “Jewishinsider” الاسرائيلية عن وزيرة الخارجية السابقة (مادلين أولبرايت) أن: “كلينتون حينما كانت وزيرة للخارجية كانت داعمة جدا لإسرائيل وأمضت الكثير من الوقت مع حكام إسرائيل لمحاولة حل المشكلات العالقة مع الفلسطينيين، أما ترامب فهو داعم لإسرائيل فقط في الخطابات كما حدث أمام إيباك”. أما الملفت، فهو عدم مشاركة المرشح (بيرني ساندرز) في المؤتمر، وهو يهودي من أصل بولوني، حيث كان قد ألقى خطاباً في إحدى محطات حملته الانتخابية، أوضح فيه أن “أمن إسرائيل لا يأتي عن طريق قمع الشعب الفلسطيني”.

يقول الكاتب الإسرائيلي (بيتر بينارت) الذي يعرف بأنه صهيوني ليبرالي: “ايباك هي المنظمة اليهودية الأمريكية الوحيدة التي تستضيف عمليا كل المرشحين للرئاسة كل أربع سنوات. وهي الوحيدة التي تتبجح بأن مؤتمرها الوطني يحضره عدد من أعضاء الكونجرس يزيد على أي عدد منهم يحضر أي مناسبة أخرى باستثناء جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس أو للاستماع إلى خطاب الاتحاد. وهي المنظمة الوحيدة التي وظفت مسؤولا فيها تبجح بالقول: هل ترون منديل المائدة هذا؟ خلال أربع وعشرين ساعة يمكننا أن نحصل على تواقيع سبعين عضوا في مجلس الشيوخ على هذا المنديل”. وأضاف (بينارت): “ايباك لها مهمة واحدة فقط: ضمان أن تدعم حكومة الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية بلا شروط”. أما (زلمان شوافل) فكتب يقول: “مؤتمر الايباك أثبت قوته من جديد. الايباك تعلن عن نفسها منظمة ثنائية الحزبية. أي أنها لا تميل للديمقراطيين أو الجمهوريين، إلا أن هدفها هو تحقيق المصلحة المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة. ومن هنا ينبع تأثيرها. أيضا فيما يتعلق بسياسة إسرائيل، تحاول الايباك عكس مصلحة كل حكومة إسرائيلية موجودة”.

الكاتب (جدعون ليفي) أحد الأصوات الإسرائيلية الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، زار واشنطن وألقى خطابا قبل يومين من انعقاد مؤتمر “إيباك” الأخير، اتهم فيه إسرائيل بـ “العمى الأخلاقي المطلق” بسبب لامبالاة المجتمع الإسرائيلي تجاه مصير الفلسطينيين، كما هاجم “إيباك” واعتبرها “بعيدة عن أن تكون صديقة لإسرائيل. إنها عمليا أحد الأعداء الكبار لها”. وأوضح قائلا: “حينما يكون أحد مدمنا على المخدرات وأصدقاؤه يعطونه المزيد من المال لشراء المخدرات، فإن المدمن سيحبهم بالطبع. ولكن هل هم يحبونه؟… هل يشك أحد بأن إسرائيل مدمنة على الاحتلال؟ وأن هذا الادمان خطير بالدرجة الاولى على إسرائيل؟ الضحية الحقيقية الفورية هم الفلسطينيون وقد يكون كل الشرق الأوسط. ولكن في نهاية المطاف سينتهي الاحتلال في يوم من الأيام. أنظروا ماذا حدث للمحتل، أنظروا القوانين الأخيرة في الكنيست، هل هي تلائم القيم الأمريكية؟ هل يمكنكم تخيل منع نشر زواج بين الأجناس المختلفة في الولايات المتحدة؟ لقد حدث هذا في إسرائيل. هل يمكنكم تخيل مطالبة رئيس الولايات المتحدة المدنيين في يوم الانتخابات بأن يسارعوا الى التصويت لأن الأفروأمريكيين أو الهسبينيين يتدفقون الى الصناديق؟ في إسرائيل حدث هذا”.

حقا، إن مقولة “مصلحة إسرائيل وأمنها” هي أحد المفاتيح الأبرز لمن يرغب بالوصول إلى “البيت الأبيض”، يتساوى في ذلك الحزبان الأمريكيان: الديموقراطي والجمهوري.