يسعى الإسرائيليون لذبح “الهبة الفلسطينية”: فكيف ننقذها؟

مع عجز الدولة الصهيونية عن وضع حد لما اخترت تسميتها “هبة ترويع الإسرائيليين” الفلسطينية التي دخلت شهرها الثالث، سمح جيش الحرب الإسرائيلي لجنوده أن يكونوا الإدعاء والشهود والقادة ومنفذي الإعدام. بل إن سياسيين إسرائيليين، من الحكام أو المعارضين يوصون حتى “المدنيين الإسرائيليين” المسلحين بالتأكد من قتل كل فلسطيني له علاقة بعملية. هم، إذن، يسعون لذبح “هبة ترويع الإسرائيليين” الفلسطينية، فيما يحتم على الفلسطينيين – بالمقابل – العمل على إنقاذها بل وديمومتها. ومن خلال مطالعة مكثفة للأدبيات السياسية الإسرائيلية، نجدهم يقترحون:

أولا: تكثيف ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء “الهبة” من عمليات التنكيل والاعتقالات والإعدامات الميدانية، والحصار الاقتصادي الخانق، وتدمير منازل منفذي عمليات، وسحب الإقامات من مواطني القدس، واستهداف أطفال الحجارة قتلا واعتقالا، وإقامة الحواجز على مداخل القرى والبلدات والمدن واقتحامها، والسكوت على، بل تشجيع، قطعان المستعمرين/ “المستوطنين” في اعتداءاتهم… الخ.

ثانيا: خوض “إسرائيل” المعركة ضد ما يعتبرونه عدوا رئيسيا متجسدا فيما يسمونه “أدوات التحريض” عبر إغلاق المحطات الإذاعية في الضفة الغربية. بل إن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي (يوفال شتاينتس) المقرب من رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) دعا إلى قطع شبكة الإنترنت عن مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية ووقف بث إذاعة وتلفزيون فلسطين بحجة التحريض.

ثالثا: إخراج الجناح الشمالي في “الحركة الإسلامية” في فلسطين 48 “عن القانون”، وهي الحركة التي تدير حملة “الأقصى في خطر” منذ 20 عاما، مستهدفين ليس الحركة الإسلامية بمفردها بل كل فلسطينيي 48.

رابعا: وهو الأمر المهم في “الإبداعات” الإسرائيلية، “البرهنة” للفلسطينيين، عبر الإعدامات الميدانية، أن أبناءهم “يذهبون هباء ودون تحقيق الأهداف المنشودة” وأنهم “لن ينجحوا في كسر الروح المعنوية للمجتمع الإسرائيلي”. وفي هذا يقول الكاتب الإسرائيلي اليميني (عيران ليرمان) في مقال بعنوان “لا تعطوهم الجوائز”: “عملية الردع الأكثر أهمية لا تحدث في ساحة العملية أو في الخطوات التي تتخذها الحكومة، بل هي تتجسد في تصميم الإسرائيليين والسياح على الاستمرار في الحياة بكل قوتها”.

خامسا: خلق “ميزان خاسر” للفلسطينيين من خلال إبعاد أُسر منفذي العمليات في الضفة الغربية ضد أهداف إسرائيلية إلى قطاع غزة. وقد جاء هذا ضمن قرار وزير “الدفاع”/ الحرب (موشي يعالون) باتخاذ أربع خطوات ضد الفلسطينيين: اعتقالات واسعة في صفوف حماس في الضفة الغربية لعدم تمكينها من تنظيم نفسها والمشاركة في الأحداث القائمة، ومنع العمال الفلسطينيين من دخول مجمع غوش عتصيون الاستعماري/ “الاستيطاني”، وإلغاء تصاريح أقرباء منفذي العمليات، إضافة لدراسة إمكانية ترحيل المحرضين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.

وفي الاتجاه المعاكس، على الفلسطينيين السعي لإنقاذ “الهبة”، بل وديمومتها، عبر:

أولا: تطبيق قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، والعودة إلى الوحدة الوطنية ما يترتب عليه دعم السلطة الفلسطينية “الهبة” والمسارعة إلى بناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية تتسع يوما بعد يوم، بعد تجاوز الانقسام الفلسطيني/ الفلسطيني البائس. فهل نطلب المستحيل؟! وبدون هذا الشرط الأساسي، كيف نساعد “الهبة”؟!!

ثانيا: تفعيل الدور العربي/ الإسلامي، دولا وشعوبا، للمساعدة في شرح حيثيات وطبيعة “الهبة”، عبر التحرك في المنابر الدولية بما يساعد على رفع معنويات المنتفضين.

ثالثا: تعميق التعاون مع قوى التضامن الدولي، وعلى رأسها حركة مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي حول العالم BDS (حركة “المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات”) حيث أن الدعم السياسي/ الإعلامي له مفاعيل مؤثرة ولطالما نجح في نقل المعاناة وتحفيز مشاعر الشباب في وجه مساعي “التيئيس” الإسرائيلية.

رابعا: ضرورة تحفيز الفصائل الفلسطينية لقوى “الهبة” عبر الإسهام في إيجاد إطار قيادي موحد والعمل على ضمان ديمومتها بعيدا عن الإعلام، وعدم الاكتفاء بالموقف الإعلامي اللفظي، مع الحرص على عدم إخراج “الهبة” الجماهيرية عن إطار “أسلحة” السكين، والدهس، وإلقاء زجاجات المولوتوف، والمواجهات بالحجارة. هذا، إضافة إلى ضرورة تنويع العمل المقاوم لكن بدون أي عسكرة. وفي السياق، نتمنى أن لا تكون الكاتبة الإسرائيلية “عميره هاس” (المعروفة بصدقية معلوماتها ومشاعرها تجاه الفلسطينيين وحقوقهم) دقيقة فيما تقول من أن “الجميع داخل التنظيمات وخارجها يعارضون العمليات الفردية، خصوصا من القاصرين، لكنهم لا يتجرأون على معارضتها بشكل علني”!!! وإن صحت أقوالها، فإن الأمر – عندئذ – جد خطير، خاصة وأن (هاس) تشير إلى الحالة الراهنة مستخلصة: “غياب التنظيمات الفلسطينية السياسية كقوة لها وزن في المجتمع الفلسطيني، على عكس الدور الذي لعبته هذه التنظيمات في الانتفاضة الاولى”.