الحكومة الإسرائيلية القادمة: متى تنهار؟

تفوق حزب “الليكود” بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في الانتخابات الإسرائيلية على “المعسكر الصهيوني” بزعامة (يتسحاق هرتسوغ)، فيما حلت القائمة العربية المشتركة ثالثا. إذن، تعززت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات والتي أظهرت (نتنياهو) متقدما على (هرتسوغ)، من حيث أهلية كل منهما لتولي رئاسة الحكومة.

عن تباين قدرة “الليكود” و”المعسكر الصهيوني”، على تشكيل الحكومة المقبلة، كتب عضو الكنيست السابق (يوسي بيلين) يقول: “استهل أفيغدور ليبرمان المعركة الانتخابية بتعهد تأييد نتنياهو الذي لم يتردد في السابق في مهاجمته. وهذا ما حدث أيضاً مع حزب البيت اليهودي. وحاول أرييه درعي أن يعطي انطباعاً بالاستقلالية، لكنه فهم أن مؤيديه هم من اليمين المتشدد، وفي مواجهته مع إيلي يشاي قام بالخطوة المنطقية بالنسبة له فأعلن تأييده نتنياهو. أما يشاي الذي يترأس حزباً أكثر يمينية فقد التزم بدعم نتنياهو. وعلى الرغم من عدم التزام حزب يهودت هتوراة علناً، فسيكون من الصعب ألا يمنح دعمه لنتنياهو”. إذن، الدعم اليميني (لنتنياهو) ما زال على حاله. في المعسكر الآخر، سارع “ميرتس” لتأكيد دعم (هرتسوغ)، فيما أعلن زعيم “هناك مستقبل” (يائير لبيد) أنه سيبذل كل ما في وسعه لمنع (نتنياهو) من العودة إلى كرسي رئاسة الحكومة للمرة الرابعة، وأنه “سيجد نفسه يدعم هيرتسوغ، حتى لو لم يعلن ذلك”. أما “النجم السياسي الجديد” على الساحة الإسرائيلية فهو الليكودي (موشيه كحلون) رغم أنه يعود، هذه المرة، على رأس حزب “كولانو” (كلنا) ليخوض الانتخابات في قائمة مستقلة، دون أن يلتزم بدعم أي من الطرفين (نتنياهو) أو (هرتسوغ) سعيا للوصول إلى هدفه الأساسي (وزارة المالية). أما القائمة العربية المشتركة التي أعلن زعماؤها أنهم لن يشاركوا في أي حكومة مقبلة، فمن المؤكد أنها لن تدعم طموح (نتنياهو).

لو كلف (نتنياهو) بتشكيل الحكومة، فإنه سيكون أسير حلفائه الأكثر تطرفا ويمينية منه ومن حزبه، وهو ما جعله يؤكد قبل يوم واحد من الانتخابات، رفضه لقيام دولة فلسطينية في حال فوزه بالانتخابات. كما تعهد بتكثيف الاستعمار/ “الاستيطان” في القدس الشرقية المحتلة، وعدم تقديم أي تنازلات للفلسطينيين في المستقبل، مصرا على أنه “لن يسمح أبدا للفلسطينيين باقامة عاصمة في الجزء الشرقي المحتل من المدينة المقدسة”. إذن، الحكومة الجديدة برئاسته، والتي هي الرابعة، ستكون حكومة غير مستقرة، خاصة وأن عديد المسؤوليين الأمنيين السابقين في إسرائيل، بمن فيهم رئيس الموساد السابق (مئير دغان) والليكودي (دان ميردور) يحذرون من عودة (نتنياهو) ويريدون إحياء المفاوضات، ويرفضون التوتر مع البيت الأبيض، ويتخوفون من حكومة تعتمد على أصوات “المستوطنين”، خاصة كون “نتنياهو فشل في ضمن الأمن لمواطني الدولة”، بل هو “المسؤول عن الفشل في مواجهة حركة حماس، وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني”.

وحتى لو افترضنا تكليف (هرتسوغ) بتشكيل الحكومة (وهو أمر مستبعد للغاية)، فإن الأمر سيكون ضبابيا على أكثر من صعيد، حيث كان أعلن عن استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع “الليكود”. ولا غرابة، فتاريخه يقول أنه ليس من حزب “العمل” عمليا (ولو أنه رسميا كذلك) ذلك أنه – فعليا – ينتمي إلى “ليكود ب” مقابل “ليكود أ” (نتنياهو)، مع توقع المحللين بنجاحه في المجال الاقتصادي والاجتماعي دون السياسي خاصة فلسطينيا. وعليه، سيبقى هو (هرتسوغ) وحكومته بمثابة لغز ربما يحل بعد وضوح نتائج الانتخابات، وبالذات في ضوء “الضغوط” الدولية المتوقعة.

في مقال لافت للنظر بعنوان “متى الانتخابات القادمة؟”، كتب (نحمايا شترسلر) يقول: “الآن بات هذا واضحا جدا، فالحكومة الجديدة التي ستقوم بعد الانتخابات القريبة المقبلة ستصمد أقل من الحالية. ويجدر بنا الافتراض أنها ستكون ايضا حكومة شلل مثل سابقتها، فهذا هو السبيل الذي تقودنا فيه طريقة الحكم الحالية” ويفسر: “إذا اراد الليكود ان يشكل حكومة يمينية، فسيضطر إلى التوقيع على اتفاقات ائتلافية مع ستة احزاب مختلفة لكل واحد منها جدول أعمال مختلف. وضع اسحق هرتسوغ لا يقل سوءا. فمن اجل ان يشكل ائتلافا سيتعين عليه ان يوقع على اتفاقات ائتلافية مع خمسة احزاب”. ويختم: “إن المشكلة في طريقة الحكم الحالية لا تكمن فقط باجراء انتخابات كل سنتين، بل في تخوف رئيس الوزراء من أن يسقطه رفاقه في الائتلاف في كل لحظة معينة”. وبالفعل، فإنه ما لم تحدث “معجزة” بحيث تتشكل حكومة “الوحدة الوطنية” التي تحدث عنها الرئيس الإسرائيلي، فإن إسرائيل الراهنة مرشحة بقوة للدخول في حالة استقطاب شديد وحاد، مضيفا – مع تشكيل حكومة (نتنياهو) مع اليمين المتطرف – مزيدا من الممارسات اليمينية المتطرفة، وبالتالي مزيدا من العزلة لإسرائيل. وعليه، ستكون الدولة الصهيونية “جالسة” على فوهة بركان من التشدد وعدم الاستقرار بحيث تسقط الحكومة قبل أوانها، ولربما بزمن قياسي.