(نتنياهو) المضطرب نفسيا: هل ينجح (كيري) بترويضه؟!!

أ.د. أسعد عبد الرحمن 

يواجه (بنيامين نتنياهو) مزيدا من العزلة الدولية، ابتدأها هو حين عزل نفسه داخل أسوار جدار الفصل العنصري متمسكا بالعقلية الاحتلالية الاستعمارية/ “الاستيطانية”، رافضا الآخر، وزاعما باستمرار أن انهيار المفاوضات مع الفلسطينيين سببه رفض الفلسطينيين لها لأن الزعماء الفلسطينيين “ببساطة غير مستعدين.. لمواجهة العنف، الذي يرتكبه أبناء شعبهم”!!!

بعد إعلانه عن الانتخابات العامة المبكرة المتوقعة في 17/3/2015، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “جروزاليم بوست” اليمينية أن “60% من الإسرائيليين لا يريدون رؤية نتنياهو في منصبه مجدداً، مقابل 34% أيدوا بقاءه، و6% لم يملكوا إجابة محددة”. ومع ذلك، ظهر أن “حزب “الليكود”، الذي يتزعمه نتنياهو، ما زال الأكثر شعبية في إسرائيل، إذ يتوقع حصوله على 21 مقعداً في الكنيست (البرلمان) القادم، ما يعني أن (نتنياهو) هو الخيار الأول لتشكيل الحكومة القادمة”. ولفت الاستطلاع إلى قول “44% إنهم يفضلون زعيم حزب “العمل” الوسطي المعارض، يتسحاق هرتسوغ، رئيساً للحكومة، مقابل 45% لنتنياهو، فيما لم تملك نسبة 11% إجابة محددة”. ومن المرجح، إذن عودة (نتنياهو) إلى رئاسة الوزراء، لعدم وجود قيادات أخرى تنافس جديا من داخل معسكر اليمين، حيث وفقا لصحيفة “جوزاليم بوست” فإن “نتنياهو سيهزم باقي قادة الأحزاب، وذلك بنسبة 12 نقطة على زعيم حزب “البيت اليهودي” اليميني نفتالي بنيت، و17 نقطة على زعيم حزب “هناك مستقبل” الوسطي يائير لابيد، و28 نقطة على زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني أفيغدور ليبرمان”.

سياسة (نتنياهو) تتعرض، إسرائيليا، لهجمة شرسة. ففي مقال تلخيصي كاشف، نشرته صحيفة “هآرتس”، قال الكاتب الإسرائيلي (ألوف بن) “لقد سقط نتنياهو واضطر للذهاب الى الانتخابات لأنه فقد السيطرة على البنية السياسية والجيش، ولأن التهدئة الامنية التي عاشتها اسرائيل بضع سنوات قد ذهبت بلا رجعة. كان الهدوء هو الورقة الفائزة لديه، وعندما أضاع ذلك بعد خطف الشبان في غوش عصيون، والحرب على حماس في غزة، والمواجهات الصعبة في القدس، فلم يبق له ما يقدمه”. هذا على الصعيد العام.

أما على الصعيد الخاص، هاجم غالبية المعلقين الاسرائيليين (نتنياهو) بشكل شخصي حيث قالت “يديعوت احرونوت” الاكثر توزيعا “دعونا لا نخدع انفسنا. نتنياهو يعرض علينا حكومة يمين متطرف ومتشددين (…) انه يعد الاسرائيليين بكابوس”. اما المعلق (بن كاسبيت) فكتب في “معاريف” ان “نتنياهو مصاب بجنون الارتياب”، بينما وصفه (ناحوم بارنيا) في “يديعوت احرونوت” بأنه “صاحب نفسية غير مستقرة ومضطربة جدا”، وهو ما أكدته (سيما كدمون) في مقال حديث في الصحيفة ذاتها. أما أكثر الأوصاف رواجا اليوم عن (نتنياهو) فهي قول خصمه اللدود (يئير لبيد) “أنت منقطع عن الواقع”.

لقد عرض (نتنياهو) ما وصفه بـ “ركائز السلام الثلاث التي يمكن ان تكون برنامجا لانهاء الصراع وهي اعتراف متبادل حقيقي، وانهاء كل المطالب بما في ذلك حق العودة، وأمن اسرائيلي على الامد الطويل”. في ظل هكذا طروحات، هل تنجح نظرية الوزير (جون كيري) (القائل: “لن أستسلم”) بترويض (نتنياهو) في حال عودته المرتقبة من خلال إغرائه بجائزة نوبل للسلام فيصبح بطلا “للسلام” بدلا من أن يكون بطل “الوطن القومي اليهودي”؟ ومؤخرا، طالب نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) باستئناف المفاوضات، مكررا في كلمة له أمام منتدى (سابان) الأميركي/ الإسرائيلي الذي عقد في واشنطن، انتقاد السياسة التي تنتهجها إسرائيل لهدم منازل فلسطينيين معتبراً إياها عقوبة جماعية غير لائقة. كما أنه انتقد توسيع مشاريع “الاستيطان” شرقي القدس المحتلة. بل إن (بايدن) دعا إسرائيل “إلى تكثيف إجراءاتها لمحاربة جرائم الكراهية التي تستهدف مواطنيها العرب أو الفلسطينيين”. فهل يستجيب (نتنياهو) لإغراءات الولايات المتحدة عبر (كيري) أم يبقى بحسب “هآرتس”: “قوميا متطرفا، وعلى استعداد للتضحية بقيم الأساس للدولة لتطبيق فكر مدمر. وفي حال فاز (أي نتنياهو) مرة أخرى فإن مستقبل إسرائيل في خطر ملموس. من يريد إعادة إسرائيل إلى مسار التعقل يجب عليه التعاون من أجل استبدال نتنياهو”. ومع أن معظم المؤشرات تدل على أن (نتنياهو) سينجح في الوصول إلى ولاية رابعة، فإن ثمة فارق كبير بين أن ينجح في الوصول إلى سدة رئاسة الوزراء، وبين أن ينجح في إيجاد حكومة مستقرة، ناهيك عن نجاحه في جعلها حكومة غير مارقة كما هو حال الحكومة الحالية في أعين غالبية سكان عالمنا.