نازية متأصّلة في الأشك/ نازية

هذا ليس تلاعبا عبثيا بالكلمات بل هو حقيقة من الحقائق التاريخية المستمدة مباشرة من تاريخ قبائل الخازار الذين اتخذوا اسم الاشكنازية بعد اعتناقهم الديانة اليهودية في القرن الثامن الميلادي. وهو تاريخ حرص على نشره “اليهود المتجددون” في الولايات المتحدة الأمريكية في “الإنسيكلوبيديا اليهودية” في العام 2007.

 

لقد أقام الخازار دولة من أكبر الدول في أوروبا الآسيوية التي تعرف اليوم باسم أوكرانيا زمن العصور الوسطى. ومعروف أن هذه الدولة سيطرت على “طريق الحرير”، الشريان التجاري ين الصين وأوروبا. وقد لعبت دولة الخازار في أوكرانيا دوراً هاماً كدولة عازلة/ حاجزة بين الإمبراطورية المسيحية البيزنطية والدولة الأموية الإسلامية الناشئة. وعندما بدأت الدولة الأموية تهدد القسطنطينية، استعان البيزنطيون بالخازار كجنود مرتزقة لقاء أموال طائلة فبدأت الحروب بين العرب والخازار في العام 642 وانتهى الأمر بإفشال مخططات الدولة الأموية الهادفة دخول القسطنطينية.

 

لم يمض وقت طويل حتى قرر البلاط الملكي الخازاري والنبلاء، فجأة، اعتناق الديانة اليهودية على أيدي حاخامات من اليهود العرب. وقد أعادت “الإنسيكلوبيديا اليهودية” السبب لهذا الاعتناق إلى “التردي الأخلاقي الخازاري الهابط للحضيض” الذي هدد بقاء الخزارية وتماسك المجتمع المدني فيها. أما اختيار ملك الخازار للديانة اليهودية فجاء للأسباب الآتية: 1. لدى اليهودية “تلمود” من كتابة الكهنة وفيه قوانين صارمة يجب اتباعها حرفياً. 2. اليهودية دين تعترف به الديانتان، الإسلامية والمسيحية، دون اعتراف اليهودية بكلا الديانتين. 3. اعتناق أي من الديانتين الكبيرتين السائدتين كان سيجلب عداوة الأخرى ضد الخازار. لذا، تم اختيار الديانة اليهودية، متواكبا مع تشجيع الفتن بين المسيحييين والمسلمين لكي يستمر الخازار باستغلال البيزنطيين الأغنياء الخائفين على مصالحهم التجارية.

 

لقد اختفت دولة الخازار من الوجود بعد الاحتلال الروسي في القرن العاشر ميلادي واختفى اسم الخازار إلى الأبد ليحل محله اسم الأشكنازي. وعندما تم تهجير اليهود العرب من إسبانيا، مع العرب المسلمين، أخذ اليهود العرب اسم اليهود الشرقيين وأصبح الأشكنازيون اليهود الغربيين.

 

بعد ذلك، غير الخازار اسمهم إلى “الأشكنازية” وهو اسم يذكر في التوراة وكان يستخدم عند الأدباء اليهود إشارة إلى ألمانيا، وعلى الأخص المنطقة الواقعة على نهر الراين. وقد كتب حاخامات الخازارية/ الأشكنازية تلموداً جديداً ألغوا فيه تلمود العرب اليهود ووضعوا فيه قوانين أشد وأقوى لكي يتبعها الشعب الخازاري/ الاشكنازي سعيا وراء التخلص من منظومة عاداتهم وأخلاقهم السابقة. وقد ركز هذا التلمود الجديد على مقولة “الشعب المختار” المتكبرة لمحي عقدة النقص لدى الأشكنازية المستمدة من الخازارية الوثنية الدنيئة السابقة. وذهب التلمود الأشكنازي أبعد من ذلك بقوله أن “باقي الامم على هذه الأرض قد خلقت لاجل خدمة اليهود لأنهم (الشعب المختار)”. فأصبحت الأشكنازية تعني “الشعب المختار” أي “العرق السيد”. ومع الزمن، تم اختصار الأشك/ نازية إلى “نازية” كي تعني “الشعب المختار”. وللمفارقة، استمدت النازية لاحقا المعنى ذاته حين تحدثت عن تفوق الجنس الآري بحيث أصبحت، على مرّ الأيام، رمزاً يجسده معنى “العرق السيد” دون علاقة أو صلة بالأشكنازية. كما أن حقد هتلر وتنكيله باليهود الألمان، وفيما بعد يهود أوروبا كلها، كان مرده اقتصادي بحت. فبعد الحرب العالمية الاولى عانت ألمانيا من وضع اقتصادي مريع جعل ممتلكاتها لا تساوي شيئاً، فاستغل اليهود الألمان الفرصة واستعانوا ببعض الممولين اليهود الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا الذين أرسلوا إليهم الأموال اللازمة ليشتروا الممتلكات الألمانية بأبخس الأسعار. وهذا تماماً ما حدث أثناء انهيار الاتحاد السوفياتي حين اشترى اليهود الروس بأموال (أتتهم من الخارج وبالذات من بعض يهود أميركا) ممتلكات البترول الروسية بأبخس الأثمان فانقلبوا مع مموليهم أصحاباً للمليارات وعرفوا باسم “الاوليغاركية اليهودية”.

تاريخ البشرية، التي لم تتعلم من تاريخها، يكرر نفسه اليوم. دولة الخازار التي وظفت نفسها أجيرة لدى البيزنطيين لخوض الحروب عنهم لقاء مال وفير ضدّ الامويين ولدت من جديد في فلسطين باسم دولة إسرائيل. وكذلك مذهب “الشعب المختار” الذي اعتنقه النازيون من الأشك/ نازية أصبح مذهب الحاخاميين المتطرفين وغيرهم من القوميين المتطرفين اليهود الأشك/ نازيين سعيا وراء محو الوجود الفلسطيني كما فعل النازيون في ألمانيا لمحو الوجود اليهودي من الوجود. هذا رغم الحقائق التاريخية التي تؤكد تاريخ الخازار ومواطنهم الأصلية والذين تحولوا إلى الأشكنازيين اليهود ولم يسكنوا الأراضي المقدسة الفلسطينية ولم يغادروا بالإكراه (كما فعلوا مع الفلسطينيين العرب) لكي يطالبوا مثلهم “بحق الرجوع إلى أرض الاجداد”، خاصة ان أقدام أجدادهم لم تطأ الأراضي الفلسطينية أبداً. وكما فعل النازيون الالمان بالأشكنازيين عندما صادروا ممتلكاتهم يفعل كذلك الأشك/ نازيون المتطرفون (حاخامات ومتدينون، وقوميون، ومتعصبون) بالشعب الفلسطيني.

“النازيون الجدد” المتمثلون في غلاة “المستوطنين”، أصبحوا الخطر الأكبر في فلسطين التاريخية. فالاستعمار/ “الاستيطان”، تحول إلى ثقافة يومية كرست أنماطا جديدة من الحياة ضد الفسطينيين: من جدار الفصل العنصري، الى استباحة “المستوطنين” الهمجية لحيوات ولأراضي ومزارع ومنازل الفلسطينيين.. وللمسجد الأقصى هذه الأيام. وهؤلاء لا ينصاعون حتى للقوانين الإسرائيلية التي تشرّع “الاستيطان” باعتباره مسألة خارج النقاش!!!

حتى في إسرائيل، كثيرون هم الذين يعتقدون أن غلاة المستوطنين هؤلاء يمارسون أفعالا تكاد تصل إلى بعض ممارسات النازية. ويكفي أن نذكر ما قاله النائب العام الإسرائيلي الأسبق (ميخائيل بن يائير) إن “المستوطنين والجيش الإسرائيلي يشاركون في عملية سلب الأراضي الفلسطينية” ووصف “المستوطنات” بأنها الممارسات الأكثر ظلماً وحماقة منذ الحرب العالمية الثانية. وكتب (بن يائير) يقول: “أن سلب الأراضي الفلسطينية هو عملية معقدة امتدت على مدار سنوات طويلة وشارك فيها المستوطنون والجيش الإسرائيلي من خلال التنسيق في ما بينهم.. هكذا هو الأمر فعلا، فالمشروع الاستيطاني هو عمل سياسي من جانب دولة ضد شعب آخر، ولذلك فإنه العمل الأكثر ظلما والأكثر لا أخلاقية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.