الهبة الفلسطينية والمقارفات الإسرائيلية: حقائق وأرقام

كثيرون هم الذين لا يعلمون تضحيات وحجم المقاومة الفلسطينية الدائرة في الأراضي المحتلة بعد أن طغت على سطح الأحداث الفتن والحروب الأهلية في أكثر من بلد عربي. ونحن هنا نتحدث تحديدا عن مقاومة مستجدة مضى عليها عام كامل، تواكبت مع نمو في همجية قوات الاحتلال ضد الشعب والأراضي الفلسطينية. وقد ترافق ذلك مع إقرار حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية رزمة من القوانين بهدف قمع المقاومة الحالية التي يحلو لي أن أسميها “هبة ترويع الإسرائيليين”، والتي لم تجد سلطات الاحتلال حتى الان وسيلة لوقفها أو إجهاضها.

“الهبة” الراهنة التي انطلقت قبل عام على شكل مظاهرات احتجاجاً على توالي اقتحامات المستعمرين/ “المستوطنين” للمسجد الأقصى، تطورت إلى إقدام شبان وشابات، بشكل منفرد، على تنفيذ عمليات “طعن” و”دهس” ضد جنود الاحتلال. فما هي معالم التضحيات الفلسطينية والمقارفات الإسرائيلية في هذه المواجهة؟

  • بحسب دراسة إحصائية أعدها مركز “القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني”، بلغ عدد الشهداء 249 شهيداً، بينهم 68 طفلاً وطفلة أعمارهم لا تتجاوز الثامنة عشر عاما، علاوة على 22 إمرأة بينهن 9 شهيدات قاصرات أعمارهن لا تتجاوز الثامنة عشر عاماً، حيث تصدرت محافظة الخليل بعدد الشهداء بواقع 77 شهيداً، تليها القدس 53 شهيداً، ثم رام الله 22 شهيداً، فجنين 21 شهيداً، يليها نابلس 16 شهيداً، ثم بيت لحم 15 شهيداً، ثم طولكرم 5 شهداء، فمحافظة سلفيت 4 شهداء، ثم قلقيلية بشهيدين. وبلغ عدد الإصابات نحو 18 ألف و300 مصاب توزعت بين مدن الضفة الغربية والأراضي المحتلة 1948. وفي خطوة عقابية لأهالي الشهداء، اتبعت قوات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء، حيث لا يزال 17 جثمانا “معتقلا”!!!
  • أكد مركز “أسرى فلسطين للدراسات” أن سلطات الاحتلال واجهت “الهبة” بحملات اعتقال متواصلة طالت الآلاف. وبحسب المركز، فإن “8000 حالة اعتقال هي حصيلة العام الأول من بينهم 2155 لأطفال قاصرين، أصغرهم الطفل المقدسي علي علقم (12 عاماً ونصف)، و270 حالة اعتقال لنساء وفتيات، و250 على خلفية التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك”. وأشار التقرير إلى أن “الاحتلال صعد بشكل واضح من إصدار القرارات الإدارية بحق الأسرى”، حيث “رصد 1773 قرارا إداريا من محاكم الاحتلال الصورية استهدفت أيضا النساء والأطفال القاصرين”.
  • هدم المنازل، سياسة قديمة بدأت فصولها منذ احتلال عام 1967 كأحد أشكال “العقوبات الجماعية”، استدعتها دولة الاحتلال مجددا مع تصاعد “الهبة”. فبحسب تقرير لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في المناطق الفلسطينية المحتلة 1967، “سجل العام (2015) ذروة في جرائم الهدم، لكن العام الجاري يسجل ذروة اعلى، إذ ارتفع عدد البيوت المدمّرة حتى الآن بنسبة 40%”. وبحسب معطيات منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية: “هدمت السلطات الإسرائيلية في النصف الأول من 2016 منازل في التجمعات السكنية الفلسطينية في الضفة الغربية أكثر مما هدمت العام الماضي بأكمله”. وبلغ عدد المباني والمنشآت التي هدمها الاحتلال خلال النصف الاول من 2016، 620 منزلاً ومنشأة من بينها 279 منزلاً ومسكنا و341 منشأة تجارية وزراعية وصناعية، الأمر الذي أدى إلى تشريد أكثر من 2500 مواطن ومواطنة، فيما بلغت 131 مبناً و40 منشأة خلال نفس الفترة من العام الماضي”.
  • ووفقا لتقريره النصفي حول الانتهاكات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني خلال النصف الاول من العام 2016، أوضح “مركز عبدالله الحوراني للدراسات والتوثيق”: “شهد النصف الاول من العام 2016 زيادة في وتيرة بناء وتوسيع “المستوطنات” وشرعنة بؤر “استيطانية” جديدة. فقد قامت سلطات الاحتلال، ومن خلال أذرعها المختلفة المسؤولة عن البناء في “المستوطنات”، بالموافقة على خطط وطرح عطاءات وإصدار تراخيص بناء لنحو (8849) بؤرة استيطانية بعضها تم تنفيذه وبعضها قيد التنفيذ والبعض الآخر بانتظار اتمام اجراءات البناء”.
  • كذلك، وبحسب ذات التقرير، أقدمت سلطات الاحتلال خلال النصف الاول من العام الحالي على مصادرة اكثر من 10315 دونماً من أراضي المواطنين الفلسطينيين في كل الضفة والقدس ومنطقة البحر الميت، وتم الاعلان عنها كأراضي دولة، فيما تم الكشف عن ان طواقم الادارة المدنية قامت بترسيم ومسح اكثر من 62000 دونماً من أراضي “الضفة” لضمها لاحقاً لصالح “المستوطنات”، بهدف فرض امر واقع على الارض وتقويض امكانية حل الدولتين.

“هبة ترويع الإسرائيليين” التي لم يكن اندلاع نارها ضمن حسابات القيادات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، ورغم “بدائية” وسائلها المستخدمة، إلا أن لها آثارا وتداعيات أخلاقية ومعنوية وسياسية واقتصادية واضحة على الدولة الصهيونية. كما تثبت “الهبة” فشل المراهنة على الحلول العسكرية أو الاستخباراتية الإسرائيلية، وتعطي مؤشرا بأن المقاومة الفلسطينية مستمرة رغم الظروف والمحبطات المحلية والعربية والدولية.